كتب كارلوس مورييثي أن تقارير مروعة تتحدث عن عمليات قتل جماعي ذات دوافع عرقية وانتهاكات واسعة تخرج من مدينة الفاشر، بعد أن أحكمت قوات الدعم السريع سيطرتها على المدينة الواقعة في إقليم دارفور الغربي خلال عطلة نهاية الأسبوع.
يؤكد الجارديان أن مقاطع فيديو نشرها ناشطون محليون أظهرت مقاتلاً معروفًا بإعدام المدنيين في مناطق سيطرة الدعم السريع وهو يطلق النار على مجموعة من المدنيين العزّل من مسافة قريبة. كما أظهرت لقطات أخرى عشرات الجثث الملقاة إلى جوار سيارات محترقة، ولم تُتحقق صحتها بعد. وفي بيان الثلاثاء، اتهمت "القوات المشتركة" المتحالفة مع الجيش السوداني الدعم السريع بإعدام أكثر من ألفي مدني أعزل خلال الأيام الماضية.
كشف مختبر الأبحاث الإنسانية بجامعة ييل، الذي يراقب الحرب في السودان عبر صور الأقمار الصناعية ومصادر مفتوحة، عن أدلة تشير إلى عمليات قتل جماعي نفذتها قوات الدعم السريع. وأوضح المختبر أن المدينة "تبدو في خضم عملية تطهير عرقي ممنهجة تستهدف مجتمعات الفور والزغاوة والبرتي الأصلية غير العربية، عبر التهجير القسري والإعدامات الميدانية"، مشيرًا إلى عمليات تفتيش "من منزل إلى منزل".
قال ناثانييل ريموند، المدير التنفيذي للمختبر، إن صور الأقمار الصناعية أظهرت جثثًا ملقاة وأرضًا مغطاة بلون أحمر، مشبّهًا مستوى العنف بما جرى في الساعات الأولى من الإبادة الجماعية في رواندا، وأضاف: "نحن في بداية موجة عنف غير مسبوقة، لم أشهد مثلها في أي منطقة من قبل."
أعلنت قوات الدعم السريع الأحد سيطرتها على القاعدة العسكرية الرئيسية في الفاشر، وقالت إنها "مدّت سيطرتها على المدينة وانتزعتها من أيدي المرتزقة والميليشيات".
أما قائد الجيش عبد الفتاح البرهان فأقرّ الاثنين بانسحاب قواته إلى "موقع أكثر أمانًا"، معترفًا بخسارة المدينة.
اندلع الصراع بين الجيش والدعم السريع في أبريل 2023 إثر صراع على السلطة بين الجانبين، وأسفر عن مقتل أكثر من 150 ألف شخص وتشريد أكثر من 14 مليونًا، ليصبح السودان أكبر أزمة نزوح في العالم. وخلال الأسابيع الأخيرة، تصاعدت المخاوف على عشرات الآلاف من المدنيين المحاصرين في المدينة بعد حصار استمر 18 شهرًا فرضته قوات الدعم السريع.
حذر مفوض الأمم المتحدة لحقوق الإنسان فولكر تورك من "تصاعد خطر الانتهاكات ذات الدوافع العرقية والفظائع في الفاشر"، مؤكّدًا أن مكتبه يتلقى "تقارير مقلقة عن إعدامات ميدانية بحق مدنيين حاولوا الفرار"، مشيرًا إلى انتشار مقاطع تظهر "عشرات الرجال العزّل وهم يُقتلون أو تُركت جثثهم في الشوارع بينما يقف مقاتلو الدعم السريع حولهم".
تحدثت نقابة الصحفيين السودانيين عن انقطاع كامل في الاتصالات داخل المدينة، بما في ذلك شبكات الأقمار الصناعية، بسبب التعتيم الإعلامي الذي تفرضه قوات الدعم السريع.
اتهمت شينا لويس، المتخصصة في شؤون السودان بمنظمة "منع وإنهاء الفظائع الجماعية"، قوات الدعم السريع بارتكاب مجازر مروعة، وقالت إن سكان الفاشر الذين فرّوا منها "يتعرفون على ذويهم القتلى عبر مقاطع الإعدامات المتداولة على مواقع التواصل". وتخشى من تكرار مشاهد الإبادة في مدينة الجنينة عام 2023، حين قُتل نحو 15 ألف مدني معظمهم من المجموعات غير العربية بعد سقوط المدينة في يد الدعم السريع.
أفادت الأمم المتحدة بأن أكثر من مليون شخص نزحوا من الفاشر منذ اندلاع الحرب، فيما ما يزال نحو 260 ألف مدني – نصفهم من الأطفال – عالقين بلا مساعدات، واضطر كثير منهم لأكل علف الحيوانات للبقاء أحياء. وأعلنت المنظمة الدولية للهجرة أن أكثر من 26 ألفًا فرّوا منذ الأحد نحو أطراف المدينة أو إلى تاويلا الواقعة على بُعد 70 كيلومترًا غربًا.
في تاويلا، استقبلت فرق "أطباء بلا حدود" أعدادًا هائلة من الجرحى القادمين من الفاشر، إذ وصل 130 مصابًا إلى المستشفى منذ مساء الأحد بينهم 15 في حالة حرجة. وقال أرجان هيهينكامب من لجنة الإنقاذ الدولية إن البلدة "عند نقطة الانهيار"، مضيفًا أن "المعاناة ستتفاقم دون زيادة عاجلة في المساعدات".
وصفت إيمي محمود من شبكة النازحين في دارفور ما يجري بأنه "المرحلة الأخيرة من إبادة دارفور"، مؤكدة أنها شاهدت مقاطع تُظهر خنادق مليئة بجثث الأصدقاء والجيران والعائلات، وبعض الأسر أُعدمت شنقًا على الأشجار.
سيطرة الدعم السريع على الفاشر، آخر مدينة رئيسية في دارفور تحت سيطرة الجيش، منحته السيطرة على عواصم الولايات الخمس، ما يمثل نقطة تحول حاسمة في الحرب. وبات الجيش الآن خارج نحو ثلث الأراضي السودانية، وهو ما يرجّح – بحسب محللين – احتمال انزلاق البلاد نحو التقسيم.
https://www.theguardian.com/world/2025/oct/28/mass-killings-reported-el-fasher-sudan-paramilitary-group-rapid-support-forces

